احبتي .. اهلا ومرحبا لحضوركم . فان قرأتم فقد غمرتموني بلطفكم. فان اضفتم وعلقتم فهذا من فائض كرمكم . وان على الرحيل عزمتم فلنا أمل بلقاءكم
(الرجاء المشاركة بالاستطلاع اسفل الصفحة)
بحث مخصص

الأحد، 2 يناير 2011

حكايات عبودي 1 ..قصة


شاب في الثانية والثلاثين من عمره متوسط القامة قمحي اللون .

لايبدوا على قدر كبير من الوسامه!.. أو لنقل أنه ليس قبيح المنظر على الأقل.

يعمل عبودي في شركة بمرتب يكفي بالكاد لسد احتياجات اسرته المكونه من زوجته ونيسه وابنهما عباس الذي اوشك ان يتم عامه الثاني وأمه واخته الأرملة سعاد وابناءها الثلاثة .

مشكلةعبودي في هذه الحياة كمشكلة الكثيرين .سوء الحظ الذي يرى عبودي انه السبب الأول في انه لم يحقق اي من احلامه التي طالما كان يحلم بها في صغره.



الجزء الأول.

هل انا أحلم؟!



فتح عبودي عينيه بتثاقل!!! الا انه عاد واغمضهما وهو يتساءل !

ماهذا الذي رأيت؟!

ثم عاد وفتح عينيه ليتأكد من المشهد الذي امامه ! ولكنه لم يرى الا البياض !!عالم ابيض اللون فقط .

لايوجد حيطان ولاسرير ولاأثاث ولاسقف ولاارض !!!لايوجد سوى اللون الأبيض.

 فعاد واغمض عينيه واخذ يفكر ..

هل انا احلم؟

 ولكن هذا لايبدوا حلما !.

انه واقع....حقيقة.

حسنا ..دعك من هذا الهراء ,,الآن سأفتح عيني وسأرى تلك الصورة المعلقة امامي على الحائط والتي تمثل صورة لفتاة تمد يديها بالورود والتي اهداني اياها ابن عمي في يوم زفافي واصر ان اعلقها في غرفة نومي !وستكون هذه آخر مرة اراها لأني سألقي بها من النافذة رأسا..وسأرى زوجتي الحبيبة وهي ترقد الى جواري بصوت شخيرها الذي يصم الآذان وسأرى ابني الحبيب عباس وهو يرقد بيننا ..ولاادري ان كان ثمة من لازال يسمي بهذا الاسم ! فقد اصرت والدتي على تسميته بعباس تيمنا باسم والدي رحمه الله..ولكن هل هذا وقته؟!

حسنا ..سأفتح عيني الآن لأرى ان كل شيء قد عاد لطبيعته البائسة وأني كنت أحلم فقط .



وفتح عبودي عينيه ولكن..لاجدوى ...بياض في بياض على مدى الأفق .

حسنا ..يبدوا انه لابد من مواجهة الأمر .

استوى جالسا وهو ينظر فيما حوله ولايرى سوى اللون الأبيض ..

هل اصبت بالعمى؟

ولكني ارى نفسي هذه يدي وهذه قدمي..

ترى هل هذا هو الموت ؟..

ويحي.. لاشك ان سيئاتي اكثر من حسناتي !



نهض واقفا على قدميه وهو ينظر الى الارض من تحته والتي لاتحتوي بدورها سوى على اللون الابيض .رفع قدمه وضرب بها الارض ليتأكد مما تحت قدميه فوطئت قدمه الأرض الصلبة من تحته .

مشى قليلا الى الأمام ورفع صوته مناديا :ونيساااااـه..

ولكن مامن مجيب سوى صدى صوته...

عباااااس ..

يالك من احمق!.. وهل سيجيبك عباس ابن العامين!؟


مازلت احمقا حتى بعد الموت!

حسنا ..هل يعتبر هذا نوعا من العذاب!؟..

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .ولكني احس وكأنني في سجن .

هل يكون هذا عقابا لي ..اذكر انني عندما كنت صغيرا حبست قطتي الصغيرة في قفص لمدة ساعه وكان ذلك عقابا لها على سرقتها لقطعة لحم من المطبخ !

اخذ يحك رأسه مفكرا ثم قرر ان لاشيء يمكنه فعله سوى ان يمشي على امل ان يتغير شيء ما من حوله .

واخذ عبودي يمشي لساعة من الزمن .

آه ..لقد تورمت قدماي .

يبدوا انه لاأمل ..وكأنني في احد افلام الخيال ...يبدوا انها النهاية ..

هه ..على الأقل هي نهاية بيضاء!

ولكن ..ماهذا؟

ولاح له في الأفق نقطة سوداء ..تبدوا صغيرة جدا.

يا الهي ...حتى البياض حسدت نفسي عليه فظهرت لي نقطة سوداء!

!! ولكن ..ولكنها تكبر ..حسنا ..لاتجه نحوها لعلي اجد شيئا ما .

واخذ عبودي يمشي باتجاه النقطة السوداء التي اخذت بدورها تكبر رويدا رويدا

حتى تبين له انها رجل.. رجل يمشي باتجاهه . واخذت ملامحه تظهر شيئا فشيئا .

ولكن هذا الرجل يبدوا انني اعرفه ..فملامحه ليست بالغريبة علي .

واقترب الرجل حتى اصبح على مسافة بضعة امتار منه ثم توقف.

ياالهي ..ترى اين رأيت هذا الرجل من قبل ...ولكن مهلا لحظه ..

انه يشبهني ..!

يشبهني تماما ..بل ويرتدي قميص نوم اسود اللون كالذي ارتديه تماما !!!

لالا..انه لايشبهني وحسب انه يبدوا مثلي تماما !!

واخذ يحك رأسه مفكرا ..ترى متى كانت آخر مرة رأيت فيها نفسي في المرآة ؟!!.

هيه ..أنت ..من تكون أنت ؟ قال عبودي مناديا.

فرد عليه الرجل متسائلا :أنا ؟

-:نعم أنت ..وهل يوجد احد غيرك في هذا المكان الكئيب ؟!

-:نعم ..يوجد انت .

-:يالذكائك ..حسنا اخبرني من انت ؟ واين نحن ؟ وماهو هذا المكان الغريب ؟

-:على رسلك يافتى ..دعني التقط انفاسي فهذه هي المرة الاولى التي التقيك فيها على هذا النحو .!

-:على هذا النحو! وهل سبق وان التقينا بنحو او بآخر ؟

-:نعم ..فأنا هو انت !

-:اسمع ياهذا ..لست املك في هذا المكان سوى حذائي الذي سأشج به رأسك ان لم تخبرني في التو واللحظة من أنت .

-:دعك من هذه العنتريات التي لست بكفؤ لها واستمع الي فقد اخبرتك انني أنت .

-:انا انت ..اذا فمن اكون انا ؟ .

-:انت أنا .

-:عليك اللعنه ..هل نحن شخصان ام شخص واحد؟

-:بل نحن شخصان نكوّن شخصا واحدا.

-:اسمع ..اسمع ارجع من حيث اتيت ..فهذا الجو الكئيب ارحم من الحديث معك .

-:ارجع !؟..ولكن أنت من مهد لهذا اللقاء واحضرتني خصيصا من اجله !

-:أنا؟!

-:نعم انت انا ..الا ترى كم اشبهك ؟ بل انني نسخة منك .

-:صحيح ..لماذا انت تشبهني هكذا ؟

-:لأنني ..انت.

كاد عبودي يفقد صوابه وهو يصيح :عدنا مرة اخرى ..اليس لديك من جواب سوى انا انت وانت انا ؟

-:انا عقلك !

-:عقلي ؟!قال عبودي متسائلا.

-:نعم انا عقلك الباطن !

-:الحمدلله انه لازال لدي عقل !..



ولكن ماذا قلت ؟ عقلي الباطن ؟..ولكن ما اعلمه ان العقل الباطن هو مصطلح مجازي يطلق على جزء لاشعوري من عقل الانسان وليس بكائن يظهر لهم ويحدثهم كما لو كان انسانا آخر!

-:انت من طلبت لقائي .الا تذكر عندما كنت تقرأ كتابا عن العقل الباطن قبل بضعة آيام قبل ان تخلد الى النوم وانت تقول .اين انت ياعقلي الباطن ؟اظهر لي وساعدني على حل هذه المشاكل التي تترامى على رأسي من كل حدب وصوب .

_:ويحك ..وهل صدقتني !؟.قال عبودي وهو فاغر فاه

-:نعم فلقد كنت صادقا في تلك اللحظات ..واذا اردت الحقيقة فأنا ايضا كنت ارغب في لقائك .

-:ولماذا؟؟

-:لأنه قد اصابني اليأس من غباءك وعدم استماعك الى توجيهاتي ونصائحي فقررت ان القاك وجها لوجه .

-:عليك اللعنه ..انت عقلي وتصفني بالغباء!!؟ اذا فلابد انك غبي مثلي ..الم تقل انني انت وانت انا ؟

-:لالا هذا ليس شرطا فالموضوع اعقد كثيرا مما تتصور .

-:حسنا ولكنك لم تخبرني ماهذا المكان الذي نحن فيه ؟ وكيف اتيت الى هنا ؟

-:انت الآن في مرحلة تقع مابين النوم واليقظة وفي هذا الوقت تقوم زوجتك ونيسة باستغلال الوضع وتعبث بجيوبك بحثا عن محفظتك!

-:عليها اللعنه ..صاح عبودي.

فتح عبودي عينيه ليجد نفسه قد عاد الى بيته وغرفته التي يجلس بها مستلقيا على الأريكة .. انت ..انت ياعقلي الباطن ..اين ذهبت؟؟

ياالله ..لقد كان حلما ..ولكنه حلم غريب بالفعل ! كل شيء كان يبدوا جليا واضحا على الرغم من غرابته!

ثم تذكر انه لمح طرف الروب لزوجته ونيسه وهي تخرج من الغرفه عندما استيقظ!

ترى ..هل كانت ونيسه تعبث بجيوبي بالفعل ؟!

ولكن .. كيف علم هذا الذي التقيته في حلمي بذلك؟؟!

نهض عبودي متثاقلا وخرج من الغرفة وهو ينادي : انت..انت يا امرأه

تعالي الى هنا .. الا يكفيك انك تنغصين على حياتي لتتعدين على عالم احلامي الكئيب ايضا ..





                                                    ************



هيا ..هيا اظهر لي يا عقلي الباطن وساعدني على حل هذه المشاكل التي تترامى على رأسي من كل حدب وصوب .

كان عبودي يردد هذه الكلمات وهو مستلقي على فراشه ويحاول ان يغط في النوم الا ان شيء مادفعه الى فتح عينيه في تلك اللحظة وأعقب ذلك بأن جحظت عيناه وصاح وهو يقفزمن فراشه مبتعدا عن ذلك الكوب الزجاجي الذي استقر مكان رأسه تماما


يا ابن الـ...؟



ونظر الى ابنه عباس الذي كان يصفق بيديه مرحا وهو ينظر الى ابيه .



ونيسااااـه اين أنت يا امرأة ؟

اقبلت ونيسة وهي تهرول ..

كانت ونيسة امرأة دقيقة الملامح متوسطة الجمال ذات بشرة بيضاء وأنف صغير وشعر أسود قصير نوعا ما يصل الى الكتفين.

ماذا هنالك ؟ لماذا تصرخ ؟

-لماذا اصرخ ؟.. لقد كاد ابنك هذا ان يهشم رأسي .

-حسنا ..هديء من روعك سأودعه الى فراشه الآن .

استلقت ونيسه واخذت عباس بحضنها وهي تنشد له محاولة ان تجعله يخلد الى النوم .

في حين تناول عبودي كتابا واخذ يقرأ به .

وبعد دقائق استغرق الصغير في النوم فحملته الى سريره الصغير وعادت الى زوجها فقالت وهي تبتسم : هل ستنام؟!

-نعم .

-ولكن الوقت لازال مبكرا .

-لاشيء هناك لأفعله لذلك اريد ان انام .

قالت وهي تبتسم :ومن قال ان لاشيء هناك لتفعله ؟

-ونيسه ..حبيبتي لدي عمل في الصباح الباكر لذلك اريد ان انام .

- كما تحب .

خرجت ونيسه من الغرفه في حين نظر عبودي الى صغيره ليطمئن الى انه قد استغرق في النوم فأغمض عينيه وعاد يردد

هيا..هيا ياعقلي الباطن اظهرلي وساعدني على حل هذه المشاكل التي تترامى علي من كل حدب وصوب ..

هيا.. هيا...

سمع عبودي صوتا اقرب الى الهمس يناديه : عبوووودي ..

-ماذ.. كأنني سمعت صوتا !

-عبوووودي..

-عقلي الباطن ..ولكن لماذا صوتك مختلف هذه المره انه ..انه



يبدوا كصوتا نـ....؟

-عبودي .. وبدا الصوت اكثر ارتفاعا .

-فتح عبودي عينيه لتقع على امرأته ونيسه وهي تحملق فيه

-عبودي هل جننت ؟؟؟

-ماذا تفعلين هنا يا امرأه؟

-بل ماذا تقول انت؟ والى من تتحدث؟ ..هل اصابك مس من الجن ؟؟

جلس عبودي على فراشه وهو لايدري ماذا يقول لامرأته ..

-ونيسه ..حبيبة عمري سأفسر لك كل شيء لاحقا فهلا تركتني اخلد الى النوم ؟

حسنا ..ولكن ماذا عن يوم الغد ؟

-ماذا ؟

-سيحضر الينا ابناءخالك واحتاج بعض المال للتسوق .

-وهل سيحضر ابناء خالي لزيارتنا أم لطلب المال؟؟!

-بل لطلب المـ..اقصد أننا بحاجة الى بعض الأغراض من السوق لضيافتهم .

-حسنا ياونيسة لك ما اردتي والآن هلا تركتني أنام ؟



-حسنا والآن ...هيا .

-هيا ماذا ؟...ماذا تعنين ؟



قالت ونيسة وهي تغمض عينيها وتمد يديها الى الأمام :هيا ياعقلي الباطن اظهر لي و...... واو!؟





**********



دخل عبودي الى مقر عمله متأخرا بضع دقائق والقى التحية على زملاءه بالمكتب وفيما كان يهم بالجلوس على مكتبه واذا بزميله سالم يبلغه بأن المدير قد طلب رؤيته حال وصوله .

احس عبودي بمغص في معدته ..فلم يسبق للمدير أن طلب رؤيته الا لواحدة من ثلاث الخصم أو الانذار أو أن المدير بحالة مزاجية سيئة ويريد أن يفرغ شحنات غضبه .

يافتاح ياعليم يارزاق يا كريم ..ماذا يريد هذا الرجل ؟

سالم :كن متفاءلا يارجل .. ماادراك لعله خير .


-خير ؟! ..حسنا لعله خير .!

دلف عبودي الى مكتب السكرتير الخاص بالمدير.

صباح الخير يا استاذ نزار .

قال نزار وهو يبتسم على غير عادته ..صباح الخير عبودي ..المدير بانتظارك تفضل بالدخول .



                                 **************



والى الملتقى في الجزء الثاني

مع تحيات /ابراهيم قراقوش .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق